اللَّهُمَّ صَلِّ عَلى سَيِّدِنَا مُحَمَّدٍ ، الفاتِحِ لِمَا أُغْلِقَ و الخاتِمِ لِمَا سَبَقَ ، نَاصِرِ الحَقِّ بَالحَقَّ و الهَادِي إلى صِرَاطِكَ المُسْتَقِيمِ ، و عَلَى آلِهِ حَقَّ قَدْرِهِ و مِقْدَارِهِ العَظِيمِ

العلامة سيدي إبراهيم الرياحي رضي الله عنه

Publié par Unknown | التصنيفات | في الخميس، 26 نونبر 2009




و كان صاحب الترجمة رضي الله عنه أولا على الطريقة الشاذلية.  و لما قدم الخليفة سيدي الحاج علي حرازم رضي الله عنه للديار التونسية سنة إحدى عشرة و مائتين و ألف إجتمع  بسيدي إبراهيم الرياحي رضي الله عنه و تعارفا . ثم ، نزل عنده في بيته بالمدرسة و قويت الصحبة بينهما و شاهد منه الكرامات التي لا تحصى و سمع منه من مناقب سيدنا رضي الله عنه و فضائل طريقته ما لا يقف على حده المستقصي فاشتاقت نفسه للدخول في هذه الطريقة المحمدية فصار يردد ذلك في خاطره مرة بعد أخرى، حتى أفصح له بالدخول فيها من لقنه الطريقة الشاذلية و كان من أكابر المفتوح عليهم فتقلد حينئذ بوشاحها و حل أقفال كنوز المعارف بمفتاحها .

و مما حدث به سيدي أحمد العبدلاوي رضي الله عنه  أن صاحب الترجمة في المدة التي أقامها الخليفة سيدي الحاج علي حرازم رضي عنه قال له يوما من الأيام:" هو علامة زمانه  على الإطلاق و فريد الأوان بلا شقاق خاتمة المحققين و فاتحة أهل اليقين الولي الكامل و الحجة الواصل   أبو إسحاق سيدي إبراهيم إبن عبد القادر الرياحي التونسي رضي الله عنه من أفاضل أصحاب سيدنا رضي الله عنه الذين حصلت لهم العناية الدائمة و نالوا الخلافة بعده في الهادية و الإرشاد ، و هومن الذين حصل لهم الفتح على يدي سيدنا رضي الله عنه ، فجمع بين العلم و الولاية الكبرى  . إني  أردت أن أذكر في البيت و إياك أن يدخل إليه أحد حتى أخرج!"  ثم دخل.
فجلس صاحب الترجمة بالباب و صاريناديه و يترجاه للخروج وطال  انتظاره حتى ضجر من ذلك و قلق ثم دخل البيت ليتفقده  فلم يجده فيه ، فصار حائرا من أمره و قال في نفسه :"
إن الناس يعرفون أن الشيخ رضي الله عنه نازل عندي! فيا ليت شعري ما يكون جوابي إذا سألوني عنه بعد ما لم أجده في البيت؟ ويا ليت شعري أين ذهب؟"  ثم بقي مهموما طول يومه، فبينما هو جالس بباب بيته إذ خرج الخليفة رضي الله عنه، فقال له صاحب الترجمة :" يا سيدي أين كنت؟ " فقال له:" إن العارف إذا كان يذكر الأسم الأعظم يذوب و بعد فراغه يرجع على ما كان عليه و قد حصل لي ذلك كما رأيت." فازداد بذلك فيه محبة .
و من الكرامات التي حصلت لصاحب الترجمة معه أنه كان نائما في بعض الليالي فأيقظه سيدي علي حرازم   و قال له:" قم ! و اطلب من الله تعالى ما تريد! فهذه ساعة إجابة إن شاء الله تعالى ."
فقام صاحب الترجمة من نومه و كتب مطالب وجدت مقيدة بخطه وهذا  نصها:"
طلبت من الله تعالى دوام رؤية النبي صلى الله عليه و سلم بلا شك و لا تلبيس !
و طلبت عليك يا رب التصرف بالإسم الأعظم !
وطلبت عليك يا رب المعرفة التامة بك على أن تكون مقاما لا حالا !
و طلبت عليك يا رب معرفة كيمياء و نتائج علمها بسهولة !
و طلبت عليك يا رب أن تتولاني بعجزي عن أن أتولاك !
و طلبت عليك يا رب إمرأة وفق المراد على سبيل الدوام!
و أبناء صالحين! و عمرا  طويل بالخير معمورا بالطاعة!
و مشيخة على علمي الظاهر و الباطن على وفق ما يرضيك و يرضي رسولك !
و أن  تغني قلبي و كفي، و أن تسخر لي الروحانيات و الإنس و الجن!
و أن تبلغني في الآخرة و الدنيا ما يليق بكرمك مما لا نعلمه ولا ندري كيف نسألك إياه !
و أن تفهمني عنك فهما حقيقيا! و الموت على الإيمان الكامل! "
و قد استجاب الله دعاءه و بلغه منه أمله و رجاءه.
فكان رضي الله عنه من الآيات العظام الباهرة للعقول بين الأنام، ذا تصريف تام و مقام عال، ما توجهت همته لشيء إلا ناله في الحين و لا رام شيئا إلا و نجح كما شهد له بذلك كل الطالحين و الصالحين.
و كان صاحب الترجمة ذا همة عالية أبية لا ترضى بسفاسف الأمور.

و قد ألف في رد على بعض المنكرين على طريقة سيدنا رضي الله عنه  كتابا سماه بمرد الصوارم و الأسنة في الرد على من أخرج الشيخ التجاني عن دائرة أهل السنة .
قال فيه:"
إعلم أن الشيخ المشار إليه من الرجال الذين طار صيتهم في الآفاق، و سارت بأحاديث بركاتهم و تمكنهم في علمي الظاهر و الباطن طوائف الرفاق و كلامه في المعارف و غيرها من أصدق الشواهد على ذلك، و لقد اجتمعت به في زاويته بفاس مرارا و بداره أيضا منها و صليت خلفه صلاة العصر، فما رأيت أتقن لها منه و لا أطول سجودا و قياما و فرحت كثيرا برؤية صلاة السلف الصالح، و لخلفة صلاة الناس اليوم جدا كادوا أن لا يقتدي بهم الخ.".
و كان السبب في تأليفه صدق محبته في جناب سيدنا رضي الله عنه ، مع شدة إتباعه لطريق الحق و عدم سكوته على الباطل إن رآه.
و لما بلغ خبر هذا التأليف سيدنا رضي الله عنه كتب لصاحب الترجمة و لأخويه في العلم و الطريقة و الشاربين من منهل الحقيقة سيدي محمد بن المشري و محمود التونسي رضي الله عن الجميع ما نصه:"

بسم الله الرحمن الرحيم و صلى الله على سيدنا و مولانا محمد و على آله و صحبه و سلم
بعد حمد الله جل جلاله و تقدست أسماؤه و صفاته و تعالى عزه و تقدس مجده و كرمه.
يصل الكتاب إلى أحبابنا و أعز الناس لدينا سيدي محمد ابن مشري و سيدي محمود التونسي و سيدي إبراهيم الرياحي التونسي.
السلام عليكم و رحمة الله و بركاته و إنعامه و إبراره من المسلم عليكم أحمد بن محمد التجاني و بعد:
نسأل الله تعالى أن يتقبل عليكم بفضله و رضاه و أن يجعلكم في ديوان الصديقين و أن يحرسكم بعين رعايته و أن يحفظكم من جميع المخاوف و المكاره و أن يغمركم في رضاه إلى الإستقرار في عليين آمين.
يليه إن الكتاب الذي جمعه سيدنا إبر هيم الرياحي في الرد على من طعن فينا و نسبنا إلى الإعتزال و النكير علينا، فلا تلتفتوا لكلامه و لا تبالوا به و لا تهتموا من شأنه، و إنما هو رجل أعماه الحسد و استولى الرّان على قلبه ، و ليس هو من فرسان هذا الميدان حتى تلتفتوا إليه، وإنما هو كما قيل:" ليس بعشك فأدرجي !" و لنا في الرسل عليهم الصلاة و السلام أسوة، نسبوا إلى الشعر و إلى الجنون و إلى الكهانة و إلى السحر و ما التفتوا إليه وما أهمهم أمر من نسبهم إلى ذلك.
حاصل الكلام مطاقا الحادث و القديم إنما هو أسماء و مسميات، الأسماء هي صورة كلام المتكلم و المسميات هي مدلولات الكلام الذي يدل عليها كلام المتكلم، فكلام الحق سبحانه و تعالى وصف قائم بذاته لا ينفك عنها و هو عين تلك الأسماء المعبر عنها عين المسميات، فالأسماء كلها قديمة أزلية ،لأنها عين الكلام الأزلي فلا يصح الحدوث فيها بوجه و لا بحال، و هي في هذه المرتبة يستوي فيها القديم و الحادث و المسميات التي دخلت تلك الأسماء بعضها قديم و بعضها حادث، فالمسميات هي مدلولات، لا يصح فيها أن تنتقل لفهم المتكلم الحادث مثلا ، و الكلام الأزلي لا يصح أن يقال أنه قرآن في حق الذات المقدسة و إنما يقال فيه كلام.
و لكن أعرضوا عن كلام هذا الجاهل و لا تلتفتوا إليه واستأنسوا بقوله تعالى: (و ما أرسلنا من قبلك من رسول و لا نبي إلا إذا تمنى ألقى الشيطان في أمنيته فينسخ الله ما يلقي الشيطان  ثم يحكم الله آياته و الله عليم حكيم) إلى قوله تعالى: (و إن الظالمين لفي شقاق بعيد )(و ليعلم الذين أوتوا العلم أنه الحق من ربك فيؤمنوا به فتخبت له قلوبهم و إن الله لهادي الذين آمنوا إلى صراط مستقيم) (و لا يزال الذين كفروا في مرية منه حتى تأتيهم الساعة بغتة أو يأتيهم عذاب يوم عقيم الملك يومئذ لله يحكم بينهم فالذين آمنوا و عملوا الصالحات في جنات النعيم و الذين كفروا و كذبوا بآياتنا فأولئك لهم عذاب مهين و الذين هاجروا في سبيل الله ثم قتلوا أو ماتوا ليرزقنهم الله رزقا حسنا و إن الله لهو خير الرازقين ليدخلنهم مدخلا يرضونه و إن الله لعليم حليم ) و قوله: (و كذلك جعلنا لكل نبي عدوا شياطين الإنس و الجن يوحي بعضهم إلى بعض زخرف القول غرورا، و لو شاء ربك ما فعلوه فذرهم وما يفترون و لتصغي إليه أفئدة الذين لا يؤمنون بالآخرة و ليرضوه و ليقترفوا ما هم مقترفون) ولكن الأمر هين أتركوه في عماه يقول كيف شاء و السلام و صلى الله على سيدنا محمد و آله ."
و من فوائد صاحب الترجمة التي تلقاها عن الخليفة الأعظم سيدنا الحاج علي حرازم رضي الله عنه و كتبها له بخطه مجيزا له بما نصه:"
مهما أردت حاجة من حوائج الدنيا و الآخرة فصل على رسول الله صلى الله عليه و سلم بنية الحاجة التي تريدها ثم تقول:" يا رب توسلت إليك بحبيبك و رسولك و عظيم القدر عندك سيدنا محمد صلى الله عليه و سلم في قضاء الحاجة التي أريدها." مائة مرة ثم تقول :"اللهم إني أسالك و أتوجه إليك بجاه القطب الكامل سيدي أحمد التجاني و جاهه عندك أن تعطيني كذا و كذا." و تسمي حاجتك بعينها عشرا ثم تصلي على رسول الله صلى الله عليه و سلم عقبها ثلاثا أي هذه الصلاة الأخيرة."
قد تقدم لنا سبب أخذ صاحب الترجمة لطريق سيدنا رضي الله عنه و حدث سيدي أحمد العبدلاوي رضي الله عنه عن كيفية اجتماعه بالخليفة الأعظم سيدي الحاج علي حرازم رضي الله عنه.
لما وصل الخليفة رضي الله عنه تونس دخل لأحد مساجدها و كان ذلك المسجد يدرس فيه أحد الشيوخ الكبار و كان من جملة الطلبة الذين يحضرون مجلسه صاحب الترجمة فاتفق أن جلس قبل إتيان الشيخ المدرس لدرسه بجنبه و صار يتحدث معه إلى أن سأله عن أحواله  و ما السبب في ترحاله و ما مقصوده في ذلك كله ، فأجابه بما اقتضاه حاله في ذلك الوقت إلى أن قال له:"
و لا بد لك من الدخول لطريق المعرفة و ما جئت إلى هنا إلا من أجلك، و الدليل المقوي لصحيح اعتقادك فيما قلته لك، هو أن الشيخ لا يأتي اليوم للدرس، فتعجب صاحب الترجمة من أقواله و ما رآه من أحواله، و كان ذلك الوقت أول اجتماع به." فقال له:" إن لم يأت الشيخ اليوم فلا بد أن يكون لك شأن عظيم عند الخاصة و العامة و تظهر لك عندي الكرامة التامة."
ثم ثبت ما قاله الخليفة سيدنا الحاج علي رضي الله عنه بعدم مجيء الشيخ للدرس فتشبث صاحب الترجمة بأذياله و طلب منه أن يذهب معه لبيته في المدرسة، و أن ينزل عنده فأجابه لذلك و لا زال الخير يأتي إلى أهله من كل المسالك، فنزل عنده ببيته مدة إقامته بتونس و تلقى منه الطريقة التجانية كما تقدم و صار يأخذ عنه في تلك المدة معارفا  و أسرارا و يقتبس من علومه أنوارا إلى أن قال له يوما:"
لا بد أن تذهب سفيرا إلى بلاد المغرب و تتلاقى مع أميرها و يكون من أمرك كذا و كذا فإذا ذهبت لتلك الديار فعليك أولا بزيارة سيدنا الشيخ رضي الله عنه ، والزمه طول المقام هناك في الليل و النهار." فصار صاحب الترجمة يتعجب من أن يكون له هذا الأمر بعد أن تحقق أن كل ما أخبره به سيدنا الحاج علي رضي الله عنه لا بد من وقوعه.
و كان من قدر الله أن حدثـت المسغبة بالبلاد التونسية سنة 1218 هجري واحتاج الناس للزاد من سلطنة المغرب، فأمر أمير تونس حمودة باشا أن يذهب الشيخ سيدي صالح الكواش رضي الله عنه سفيرا لأجل ذلك إلى سلطان المغرب مولانا سليمان قدس الله روحه فاعتذر الشيخ المذكور لكبره ووهن عظامه و عدم قدرته على السفر مع تزايد سقمه و أشار عليه  بإرسال تلميذه صاحب الترجمة و نوه بقدره عنده و أنه إن أرسله ينال مقصوده.
فأمر الأمير سيدي إبراهيم الرياحي رضي الله عنه  بالسفرفسافر  إلى بلاد المغرب.
و لما بلغ إلى حضرة فاس مشى أولا لدار سيدنا الشيخ رضي الله عنه ،عملا بوصية الخليفة الأعظم رضي الله عنه و لما استفتح الباب أجابته خادم :"
هل أنت إبراهيم الرياحي التونسي ." فقال لها:" نعم!" فقالت له :" إن الشيخ رضي الله عنه أخبربمجيئك و أذن لي في إدخالك من غير إستئذان.". و أدخلته فوجد بدار الشيخ رضي الله عنه جماعة من أصحابه الذين فازوا بالإجتماع بسيدنا رضي الله عنه.
ثم قدم إليه قدح من لبن فشربه، و بعد ذلك خرج إليه جناب سيدنا الشيخ رضي الله عنه من خلوته ، و ذلك بعد أن أدى تحية الإجتماع به و أخبره سيدنا رضي الله عنه بوفاة شيخه الشيخ صالح الكواش، و أنه كان في جنازته و ذلك يوم الاثنين السابع عشر من شوال سنة 1218 ، و بعد ما قضى صاحب الترجمة وطره من الزيارة لجانب سيدنا رضي الله عنه، توجه للحضرة السلطانية فقابلته بما يليق به من إجلال و إكرام، و صار يتردد إلى الجناب العالي إلى أن نال منتهى المرام ، و رجع بالسلامة إلى قراره محرزا غاية آماله و أوطاره.
و من جملة الرسائل التي خاطبه بها سيدي الشيخ التجاني رضي الله عنه عندما طلب منه الإذن في الطريقة المحمدية قوله رضي الله عنه:"

بعد البسملة و الحمدلة و الصلاة على النبي صلى الله عليه و سلم.

إلى حبيبنا الفقيه الأنبل النبيه الأفضل أبي إسحاق سيدي إبراهيم الرياحي بتونس سلام الله و تحيته و رحمته و بركاته و إبراره و رضوانه و إحسانه و إكرامه و إنعامه و إعظامه عليك و على آلك و من لاذ بجنابك من الأهل و الجيران ما تعاقبت الأعصار و الأزمان و إني أحمد إليكم الله الذي لا إله إلا هو .
أما بعد فقد وصلنا كتابك الكريم و خطابك السليم ، فقد أجزتك في ذكر الورد الكريم المبارك العظيم فشد حيازمك فيما أنت بصدده و أيقظ نفسك من غفلتها، و لا تطعها طوعا في بطالتها،  فإن الأمر جد لا هزل، و قف على ساق الجد و الكد فإن الفقير الناقض لميثاقه عقوباته شديدة و حسراته عديدة و كن على يقين من أمرك و لا تهمل ما كفيت و لا تعاط ما استكفيت فإن طريقنا هذه المحمدية قد خصت من الله عز و جل بخصوصية على سائر السبل ، يكل اللسان عن تبيين حقيقتها و لا ينتظم فيها و لا يأوي إليها إلا المقبول فضلا من الله عز و جل، و لو كشف الغطاء عنها لصبا إليها أعيان الأقطاب، كما يصبو رعاة السنين إلى الغمام ، و لولا ما نهيت أصحابي عن التصريح لأحد بالأخذ لها، لكان الواجب في حق كل من نصح الأمة جبر الناس عليها و الإتيان إليها و لكن لا مندوحة عن الوقوف عندما حد.
فتنبه و تبصر و لا تغتر إذ الطرق كلها آخذة بحجزتها لأنها أصل كلية الطرق منذ نشأة العالم إلى النفخ في الصور  بوعد صادق من سيد الوجود صلى الله عليه و سلم .
ثم أذنت لك إذنا كليا كافيا متماديا من الآن إلى الأبد بلا تبديل و لا تحويل بشرط قطع زيارة الصالحين بحذافيرهم إلا النبي صلى الله عليه و سلم و أصحابه رضوان الله عليهم لا غير.
و قد من الله علينا بجوهرة الكمال أن كل من ذكرها إثنتي عشرة مرة على طهارة كاملة و قال:" هذه هدية لك يا رسول الله !" فكأنما زاره صلى الله عليه و سلم في روضته الشريفة و كأنما زار أولياء الله الصالحين من هجرته صلى الله عليه و سلم إلى حين الذكر. فتنبه رحمك الله إلى هذه المنح العظيمة و اليواقيت النفيسة التي من الله الكريم بها علينا من دون سائر الطوائف و طريقتنا مكتومة إلا عن سيد الوجود صلى الله عليه و سلم فإنه عالم بها و بحالها جعلنا الله و إياكم ممن تمسك بها و انخرط في سلكها في الحياة و في الممات في عافية و أمانة إلى الاستقرار في أعلى عليين بجوار سيد المرسلين.
و إياك ثم إياك العجز و الكسل و الحرج و التواني فيما أمرت به و الجلوس في موضع الريب و الضلال، و أوصيك بتقوى الله في السر و العلانية و إتباع السنة في كل قاصية و دانية و شاذة و فاذة في الأقوال و الأفعال، و الرضا عن الله في الإقلال و الإكثار و الإقبال على الله و مراقبته في جميع الأحوال و الإعراض عن الخلق في الإقبال و الإدبار و تحكيم السنة على جميع الخطرات، و عليكم بالاستقامة في جميع الحركات و السكنات ، و أوصيكم بالصبر، و مصاحبة الذكر و الجثوم إلى الله بكليتكم بشرط ترك الفضول .
و الصبر على الأذى أقرب للسلامة و أحمد في العاقبة .
و أساله تعالى أن يرزقكم تسديده و توفيقه و تأييده و أن يسعدكم و أن يتولى أمركم بما تولى به خواص عباده المحبوبين لديه و أهل الصديقية العظمى و الولاية الكبرى بجاه المصطفى صلى الله عليه و سلم و أن يجعلكم في كفالته و كفايته و كلاءته و ولايته و وقايته و هدايته و حراسته و حياطته و غفارته و صيانته و عزته و منعته إنه المستعان و عليه التكلان و أن يجعلكم من أوليائه الذين ذكروه خوفا و طمعا و تعظيما لجلاله و أن يكسوكم حللا من نسج مودته و أن يلبسكم النور الساطع من مسرته و أن يوقفكم على باب النظر من قربه و أن يطهر أبدانكم بمقاربته و أن يطيبكم بطيب أهل معاملته و أن يضع على رؤوسكم تيجان مسرته و أن يرفع لكم أعلام الهداية إلى مواصلته و أن يجلسكم على كراسي أهل معرفته و أن يشفي عللكم كلها بحكمته. إنه ولي ذلك والقادر عليه و صلى الله على سيدنا محمد و آله وصحبه و سلم تسليما."
فانظر رحمك الله إلى هذا الدعاء من سيدنا رضي الله عنه إلى هذا السيد الجليل تعرف قدره ، فهنيئا لسيادته ونفعنا الله ببركاته آمين.
و من جملة ما خاطبه به سيدنا رضي الله عنه  :
"
بعد حمد الله جل جلاله و عز كبريائه و تعالى عزه و تقدس مجده و كرمه .
يصل الكتاب إلى يدي حبيبنا و رفيع المكانة في قلوبنا سفير و جوال بحور العلوم و غواص ميادين الفهوم سيدي إبراهيم الرياحي التونسي السلام عليكم و رحمة الله و بركاته و على كافة أهلك و أولادك و على كل من يلوذ بك و ينتسب إليك.

من كاتبه العبد الفقير إلى الله أحمد بن محمد التجاني و بعده:
فالسؤال منا عن أحوالك كيف أنت و كيف هي أحوالك أجراها الله على طبق رضاه و نسأل الله عز و جل لك أيها السيد الكريم أن يرزقك بين يديه وقفة كاملة صافية خالصة منه إليه و به ، تفوق موقف أكابر الصديقين و الواصلين و نسأل منه سبحانه و تعالى أن يهب لك هذه الوقفة بين يديه حالا و مآلا في الدنيا و الآخرة و أن يهيئ لك في تلك الوقفة خصوصية عظمى و موهبة كبرى و مقربة زلفى علما و عملا و حالا و ذوقا و تحققا ، إنه ولي ذلك و القادر عليه و نسأل منه سبحانه و تعالى أن يجعل نظرة فيك في الدنيا و الآخرة بعين عنايته و محبته و رحمته و اصطفائه و اجتبائه و أن يكفيك جميع المهمات و أن يكمل لك جميع المرادات . إنه ولي ذلك و القادر عليه و صلى الله على سيدنا محمد و آله و صحبه و سلم ."
إلى غيرذلك من مزايا صاحب الترجمة رضي الله عنه  .
و فيما ذكرناه كفاية و له تآليف عديدة و مقالات مفيدة و قد ألف في التعريف به بعض العلماء من أحفاده تأليفا سماه:" تعطير النواحي بترجمة الشيخ سيدي إبراهيم الرياحي."
وتوفى صاحب الترجمة رضي الله عنه في سابع عشرة من رمضان المعظم عام ست و ستين و مائتين و ألف و ضريحه الشريف بتونس يقصد للزيارة من سائر الأقطار لقضاء الأوطار رضي الله عنه و أرضاه و نفعنا به ، آمين.

التعليقات :

هنالك 0 commentaires على العلامة سيدي إبراهيم الرياحي رضي الله عنه

إرسال تعليق