اللَّهُمَّ صَلِّ عَلى سَيِّدِنَا مُحَمَّدٍ ، الفاتِحِ لِمَا أُغْلِقَ و الخاتِمِ لِمَا سَبَقَ ، نَاصِرِ الحَقِّ بَالحَقَّ و الهَادِي إلى صِرَاطِكَ المُسْتَقِيمِ ، و عَلَى آلِهِ حَقَّ قَدْرِهِ و مِقْدَارِهِ العَظِيمِ

نفحات من كتاب سوق الأسرار-1-

Publié par Unknown | التصنيفات , | في الأربعاء، 25 نونبر 2009



بسم الله و الصلاة و السلام على رسول الله الفاتح الخاتم و على آله و صحبه و سلم.
كتاب سوق الأسرار إلى حضرة الشاهد الستار من أروع كتب سيدي الحسن البعقيلي رضي الله عنه،و هو كتاب في التوحيد بلسان الخاصة و هو مفيد جدا في بابه وددت أن يمتلكه كل صوفي...و لأهمية هذا الكتاب سننقل عدة مقتطفات منه.
يقول رضي الله عنه في مقدمة هذا الكتاب الفريد؛

**..........و بعد فإنني لما من الله علي بحضرة دين المنعم عليهم من الأصفياء تذكرت إخواننا العبيد الأتقياء فأحببت أن أوضح لنا و لهم زلال العبودية لتنقشع عنها العبودة المحضة و يزال نقاب محياها بعبارة غضة فيعقبها ذوق ما أشار له العارفون بأساطير التلويح و الكناية فيربح كل تاجر بأحكام فهم ما سطرناه بالعناية، فالله المبدئ المتم المعيد هو الذي أنطق كل شيئ المحرك المسكن. اللفظ قالب المعاني و القلب قالب الأسرار و المراد للمباني و سميته* سوق الأسرار إلى حضرة الشاهد الستار*.
و بعد فليعلم اللبيب أن كل ما خطر بباله فالله بخلافه و أن هذا الكتاب إنما يساق به مساق الأمثال و هو و ما فهم منه و ما تخيله الأفهام عند تقريره رمز حادث لا غير و أن المقصود به إفراد الوجهة إلى حضرة الألوهية و هو المعبر عندهم بالتوحيد و إفراد الوجهة إلى سيادة المالك بالخشوع و الخضوع و التذلل لسطوة سبحات جلاله فإن كثيرا من العباد مغرور بحضرة الدنيا و حضرة الآخرة و حضرة البرزخ و حضرة متعلقاتها. فألممت هنا بما يزيح شوب العبودة بغيرها * إن الله لا يغفر أن يشرك به* فيجب إفراد المملوكية لقبلة سيادة المالكية فافهم فإن كل ما سوى الله عبد مملوك له حقيقة و المالك واحد أحد و المملوك من حيث الفعل الإلاهي واحد و باعتبار جهات الجزئيات متعدد و العبيد المكلفون بحسب ما ظهر ثلاثة ؛
1-عبد الأجرة و هو من يعبد لغرض دنيوي أو أخروي أي حمله الغرض الطمعي على العبادة من صلاة و أذكار فهذا بعيد بعد نسبة من الحضرة المالكية مستوجب بعبادته البوار و النكال لولا فضله تعالى عليه و عبادته مردودة عليه لأنه عابد لنفسه لا لربه فهذه مرتبة المخلصين و أهل الإخلاص على خطر عظيم.
2-و عبد عصى و هو من حمله الخوف على العبادة و هو خوف لحق لما توعد به العاصين من أليم النار و هذا عابد لهواه و هو أجلف المتعبدين لأن المعلول يدور مع العلة وجودا و عدما ، لولا الجنة و النار لظهر من يعبد الله ممن لا يعبده و المغتر بالظواهر كثير، فكثيرا من تجرد للخلوات و الرياضة و المجاهدة الفادحة لهاذين الغرضين الفاسدين عند كل ذي ذوق سليم فيحتمل المكاره لها و ربما يدله عليه من لم يصحح و جهته و توحيده فيكون عونا للشيطان عليه.
3-عبد الله و هو من حمله على أنواع العبادة امتثال أوامر الله و اجتناب نواهيه إن كان من الدرجة الأولى من القربين أو حمله استحقاق المالك الحق لأنه السيد المنفرد بها إن كان في الدرجة الثانية و هو خاصة المقربين أو حمله الشوق و الشكر و الغلبة لما فجأه من الجمال و الجلال و هي الغاية القصوى في الإتقان و الإحسان من غير تعرض لامتثال و إن كان ممتثلا و لا استحقاق لما دهمه من الجمود الصرف و الفناء عن كل ما غشيه من السواحق و الدواك لإحساسه فكان عبدا جامدا لنفسه متصرفا لربه ميتا لها حيا بربه مجردا عن العقل عقل تمييز و عقل كلي،فانفتحت له عيون بحور حضرة العقل الرباني فتصرف به ربه بما انطوى فيه من أنوار عقله الرباني فخلف نور عقله نور المريدين و السالكين و العابدين.

ثم اعلم أن العبد لله على الحقيقة الأصلية واحد و هو سيدنا محمد صلى الله عليه و سلم لأنه هو الذي أفرد الحق كليته إلى الحضرة القدسية إفضالا منه جل و علا لأنه خلق من صفوة النور الإلاهي و هو الذي خلقه لنفسه و ما سواه يعبد الله من وراء حجابيته صلى الله عليه و سلم حتى الأنبياء فإنهم خلفاؤه في ذلك فهو العابد لله دائما القائم بحق الربوبية و العارفون يعرفون الله بما ظهر لهم من العابد الحقيقي صلى الله عليه و سلم و هم غرقى في أنواره متوجهين به لحضرة ربهم فهو قبلتهم و إمامهم من يوم فطر الله الخلق إلى ما لا نهاية لأيام الآخرة ؛ فكل من ناب عنه صلى الله عليه وسلم بحلته التي ألبسها له صلى الله عليه وسلم ومن ناب عمن ناب عنه يعبد الله بحسب صفاء الحلة التي ألبسها فهكذا إلى آخر الدهر ؛ ثم أكبر الخلق عبودية بعد الأنبياء القطب الجامع الكامل الوارث أخلاق النبي صلى الله عليه وسلم ثم القطب دونه ثم من ضاهاهم إلى آخر الدهر وسيتبين لك ذلك كله في عرصات القيامة ، فمن ورث مقام نبي من الأنبياء يعبد الله بقدر ما ورثه ذلك النبي من حضرة قطب الوسائل صلى الله عليه وسلم فإن كان قطبا مثلا يغترف ويتصرف بحسب عبوديته المكتسبة من موروثه ومن ورث المقام المحمدي يكون كاملا لجمع علم الأولين والآخرين تتفجر منه الشرائع كلها ويعبد الله بجميع شرائع الأنبياء لأنه ورث بالفضل الإلاهي مددهم وروحهم ؛ وإنما ألممت بهذا و إن كان مستطردا لتعرف وساطته صلى الله عليه وسلم قبل الوصول وبعده فإن حجبت عنك وساطته صلى الله عليه وسلم فقد حجبت عمن كان قبلك من كبار العارفين مع اعتقادهم واعترافهم بها بل لا يتجلى أحد إلا بحلة شيخه الموروث له وهو صلى الله عليه وسلم قاب قوسين أي دائر بما خلقه الله المسمى بالأمر الإلاهي وهو الكون ، فاعلم أن الكون من حيث هو مثاله باعتبار عظمة المالك جل وعلا كبيضة صغيرة لا ظهور لها إلا كظهورها في قاب قوسين قشرة البيضة ولها قشور متعددة وكلما يسمى بالمخلوق داخل في باطن البيضة من العوالم كلها الدنيوية والأخروية حتى العرش وما في جوفه فحجابيته صلى الله عليه وسلم دائرة به وما في داخلها محفوظ به صلى الله عليه وسلم وهو مظله بحيث لو أزيل شيئ من حجابيته صلى الله عليه وسلم لتدكدك ما في داخله من عرش وغيره، فكلما ما خطر في بال العارفين الموحدين فإنما هو من جنس العوالم المحشوة في مرآته صلى الله عليه وسلم ولا سبيل لأحد أيا كان ولو سيدنا إسرافيل الذي هو أكبر العارفين إلى تحقيق مرتبته صلى الله عليه وسلم فضلا عن الإحاطة بها، وقد أعجز الحق جل وعلا جميع الخلائق عن إدراك جوهرة واحدة من جواهره صلى الله عليه وسلم ،ومن معه مثلنا إنما هو مخلوق له ، وقد قطع الحق جل وعلى أطماع الأفكار بالنبي صلى الله عليه وسلم ومنع كل إدراك به و جعله سورا قاهرا لكل عارف ،فقاب قوسيته صلى الله عليه وسلم معناها أن الحق جل وعلى خلق صفيه صلى الله عليه وسلم من صفوة نوره جل وعلا فأضائت جوهرته صلى الله عليه وسلم فكل ما وصله نور جوهرته فهو بحر الخليقة المقهور ببحر الألوهية ، فركبه الحـــق جل وعلا من نور جوهرته أدوارا ببحور الفيض والسقي الإلاهي يظل بحر على بحر ويبرد حرارة السطوة الإلاهية تدريجا حتى حصل اللطف الكبير منه جل وعلا ؛ فكون الحق الفاعل المختار على حسب ما تعلقة به الإرادة الأزلية لجميع العوالم المترتبة في القوة والضعف فحصل لله الحمد الأمان والهناء لضعيف الأكوان بالقوي منها فهكذا حتى وصلت إلى المرتبة المحمدية فهي ظل الجميع وأصل الجميع وبحر فيوض للجميع كله لطفا من المالك جل وعلا بعباده ليبقي لهم وجودهم المناسب لهم بظل أقوى خلقه صلى الله عليه وسلم ؛ فاعرف قدر نبيك تعرف منه قدرك وإنما بينت لئلا تدعي الإستقلال فتدك بسطوة غيرة مرتبة الحق على حبيبه فتحاول محالا لم يرده الله جل وعلا .

فإذا عبدت ربك بما أفاضه عليك من حضرة نبيك صلى عليه و سلم و عرفت و أعطيت للحضرات حقها و الأدب فاعلم أن الله عز و جل لما خلق خلقه و من جملته الفلك الدولاب الدائر السائر أبدا علق رزق خلقه بالعمل المتقن لأنه جل جلاله لا نسبة بينه و بين مخلوقه و إنما خلق و قدر و أراد بفضله فكل من عمل عملا متقنا أيا كان صالحا أو غيره و أتقنه بشروطه التي قررها الشارع صلى الله عليه و سلم بأقواله و أفعاله و تقريراته يدور له الفلك بسهم غلة ذلك السبب بعد علمك أن السبب لا تأثير له بل إنما هو أمر مطاع فمن عمل عملا صالحا من صلاة و صوم و ذكر و أنواع قربات و أتقنه بشروطه المقررة من همة نافذة جاهدة في طلبه أو موت دونه، فإن تعرض بعمله لدنيا يصيبها يدر له الفلك بها و هو غير عابد بل مسيئ مستحق في نفس الأمر المقت من الله لأنه لم يفرد العبادة له جل وعلا وإنما عبد لنفسه فهو مشرك في العمل المشروع للعبادة المحضة بحظه الدنيوي لولا فضل الله عليه لأهلكه به لكن قدر أن كل من عمل عملا وتعرض به لأمر وأتقنه يحصل على غرضه الذي هو النتيجة فتنفعل له الدنيا بسر همته ولا حظ له في الأدب مع ربه بل هو مطرود من حضرة القرب ولا يشم رائحة معرفة سيده مالم يتب ويخلص وجهته لحضرة سيده وربما يغتر بما حصل له من الفتوحات الدنيوية بسبب عمله فتنغلق عليه أبواب الرب جل وعلا فالغرور اعتقاد الأمر على خلاف ماهو عليه فقد اعتقد أنه حصل على خاصية الذكر مثلا فيصرف همته عمره كله لمثله ويجعل ذلك عبادة ربه فيعد نفسه من الذاكرين الله كثيرا و يتلذذ بذلك في جميع أوقاته وكلما ازداد خدمة ازداد بعدا من حضرة ربه لأنه إنما يغلظ الحجاب بهمته ونيته وربما يدل العابدين على مثل عمله فهو ضال مضل محجوب بإشراكه في عبادة ربه فتناديه حضرة سيده ما عبدتنا لأجلنا و إنما عبدت نفسك فابق مع نفسك منعما بغلة عملك ولأنت عندي أبعد من كل بعيد لنجاسة مطلبك ، فنأمر أخانا في ذات الله أن يرجع إلى ربه تائبا من نجاسة حظوظه ويفرد وجهته لربه ويخلص عمله ونيته له يجده أقرب إليه من حبل الوريد فافهم ؛ وإن عبد لغرض الخوف من عتابه وأتقن العمل بشروطه بهمة نافذة جادة أو الموت دونه يدر له الفلك بسهمه أي غلة عمله وهو الحفظ من أليم عقابه وهو غير عابد وغير أديب بل مشرك في الحقيقة لأنه استعمل السبب الذي يقصد به امحاض العبودية والتعلق بالربوبية في حظ نفسه الذي هو الخوف من النار وهو في الحقيقة و ان كان محفوظا من العقاب يستحق البوار بالإشراك * إن الله لا يغفر أن يشرك به * وعدم الغفران بعده من حضرة سيده حتى يفيئ إلى أمر الله ويتبرأ من الشرك في العمل فتناديه الحضرة ما عبدتنا لأجلنا و إنما عبدت نفسك فافهم ترشد ؛
وإن عبد لغرض الجنة و أتقن العمل إتقانا محكما بهمة نافدة جادة غير سائمة ويلاحظ بعبادته ما سمعه من لسان الشرع من أنواع النعم الحور و غيرها بحيث لا يريد بعمله إلا ثوابه الآجل الأخروي يدر له الفلك بسهمه الذي هو غلة عمله وسكنى الجنة والتنعم بما فيها من نعم ربه وهو غير عابد ولا أديب بل هو مستوجب بعمله عقاب سيده لولا ما اكتنفه من فضل ربه الذي عليه التعويل فيتلذذ بما تعرض له بعمله و لاسهم له في حضرة ربه و معرفة سيده بل يشتغل بنفسه في الدنيا و الآخرة منهمكا في شهواتها الحظية و إن كان يكرمه ربه بسماع لذيذ خطابه يوم الجمعة مع عامة الناس على حسب الإفضال لاغير فيبقى مع العامة ساعة ثم يرد إلى نفسه متنعما بشهواتها المألوفة محتجبة عن معرفة ذوق ما ذاقه أهل الحق الذين هم الأكابر من الموحدين عبادتهم لربهم في دار حياتهم الدنيوية وغيرهم بطال و إن كان في نعيم الجنة ؛ فجنة الموحدين المفردين لمحض العبودية الأنس بربهم و لا تخطر نعم الجنة ببالهم وإن كانوا غرقى فيها بحسب الإفضال فيجمعون لذة شهودهم لجمال سيدهم في كل نفس من أنفاس الدهر مع لذيذ نعم الجنة فلعنبة واحدة يأكلها العارف أحب وألذ وأشهى من نعيم عامة أصحاب الجنة فالعارف أكرمه سيده بأعظم نعيم الجنة ويحصل له سيده في نعمة واحدة أعظم ما يحصل لجميع عامة أصحاب الجنة بلا قصد من العارف بل بالفضل الإلاهي و يفاض عليه شهود مولاه الذي أفرد له العبودية * وتلك الجنة التي أورثتموها بما كنتم تعملون * فالعارفون أفيض عليهم شهود مولاهم بعملهم و تفضل عليهم بلذيذ نعم الجنة بل بأعظم نعمها والعامي أفاض عليه الحق نعيم الجنة الناقصة اللذة عن مرتبة العارف بمراحل بسبب عمله لأنه مشهوده في دار الدنيا و أكرمه الله في نفس واحد يوم الجمعة بسماع كلام سيده ببركة العارفين ورؤية وجه سيده مع الفناء لا البقاء لأنه تعرض لرؤية ربه بعمله فدار له الفلك بسهمه وهو غير عابد فافهم الفرق بين العارفين في الجنة وبين عامتها تجد العامة إنما رحموا ببركة العارفين وهم عيالهم ويتبين لك أن نفس العارف في الجنة لا تقاومه أنفاس العامة كلها سواء كان في الأنس بربه أو في النعيم المقيم وقد علمت أن الله جل وعلا يخلق في عنبة واحدة مثلا للعارف لذة ما لا يجده أهل الجنة من جميع نعيم و جميع أعمار جنتهم ، فاذا تمهد هذا فقم بين يدي مولاك بالعبودية الخالصة من غير غرض دنيوي ولا أخروي ولا برزخي بل لما عليه من جمال وجلال الكمال تكن أسعد الناس بمولاك و لا تغتر بزخارف الحظوظ التي هي مهلكة العابدين ومزبلة المطرودين فليكن حظك من مولاك أن جعلك آلة لذكره لا غير ؛
وإن عبده لغرض الولاية والفتح والكشوفات و أتقن فيه إتقانا محكما على حسب ما عند أهل الطريقة الثانية المحدثة بعد القرون الثلاثة بعد إدبار القلوب عن الله التي بنوها على الحظوظ من الفتح و الكشوفات قصدا منهم لترقيق الحجاب لا غير لا أنها طريقة جادة بل هي معوجة معلومة الإعوجاج لكل عاقل لكن بنيت على الحظوظ أولا لغرض السياسة والرياضة فإذا رقت الحجب وانفتحت مسام بواطن أهلها يعرف المسلك أهلها بسهولة عن قصد الحظوظ الذي هو عين الشرك فيتطهرون ببركة المسلك العارف لاغير ولاتحمد عواقب أهل الطريقة الثانية إلا عند اختتام أعمارهم وانتهاء أمرهم فمن بقي منهم حتى يرتاض ويرده المسلك إلى الطريقة الأولى الجادة التي بنيت على إفراد العبودية لسيادة المالك الحق جل وعلا وهي طريقة النبي صلى الله عليه وسلم وطريق أتباعه الصحابة وأتباعهم ، فأهل الطريقة الثانية لا يسمون التابعين لرسول الله الإتباع الكلي حتى يتخلصوا للأولى لأنها ليست العبادة مقصودة للمحدثين لها من العارفين بل مقصودهم إطماع القلوب المدبرة عن حضرة الله على وجه السياسة فإذا مالت قلوبهم إلى طلب كرامة الله فطموهم منها وبينوا لهم وجه العبودية فيلتحق بعده بالسعداء بحضرة ربهم وعليه فإن أتقن العمل بوجهه يدر له الفلك بسهم الولاية والفتوحات و الإنفعالات بهممهم وخرق العوائد المألوفات بأضدادها فيعظمون في العالم العلوي و السفلي و ذلك جزاؤهم لأنه ما عبد الإلاه وربما يقطع له رأسه بسيف القدرة و يطاف به في عالم الحس فيقال هذا جزاء من اختار الولاية على خدمة مولاه أعيذ نفسي و إخواني من سوء القضاء اللهم إلا أن تدركه عناية الإلاهية فتخرجه عن حضرة حسه حتى يشهد الحق ويتبرأ من ولايته وقوته ويرجع إلى لبس ثياب العبودية بحيث لا ينازع سيده في ردائه و إزاره الكبرياء والعظمة فيكون حينئذ مرادا له جل وعلا فافهم فإنه موضع زلق موبق لأن كثيرا ممن أفيضت عليه الولاية بحسب عمله المتقن وهو محجوب عن الحق يتصرف بها بلا أدب حتى يطرد بسوء أدبه وربما يخيل له في حال الإنفعال أنه الفاعل وأنه عين ربه فيتكلم بكلمة الكفر نعوذ بالله من سخطه فيهدر دمه على لسان الشريعة محقا أو مبطلا فلا يلومن إلا نفسه ومن تطور في غير شكله فدمه هدر محقا أو مبطلا ، إياي و إياك من دعوى الربوبية فإن هذه الدعوى رجس فالعبد عبد وجب عليه ألا يتعدى طوره على أي حال و الولي هو الحق جل وعلا لا غير و إنما أفاض اسم الولاية علا غيره لسياسة ملكه لا غير و إياك أن تهمل حق العبودية التي هي أصلك فتغتر مع المغترين و أنواع المغترين كثير و أنت في هذه الحالة غير عابد لمولاك بل إنما حصلت على نتيجة عملك المتقن فكلما ازددت خدمة على هذا الوجه ازددت بعدا من الملك الحق بل إن تجلى فيك الحق على سبيل القهر فانهض بالله لا بك مفوضا مؤتمرا بأمره فافهم ...............يتبع


التجاني الفاسي



التعليقات :

هنالك 0 commentaires على نفحات من كتاب سوق الأسرار-1-

إرسال تعليق