اللَّهُمَّ صَلِّ عَلى سَيِّدِنَا مُحَمَّدٍ ، الفاتِحِ لِمَا أُغْلِقَ و الخاتِمِ لِمَا سَبَقَ ، نَاصِرِ الحَقِّ بَالحَقَّ و الهَادِي إلى صِرَاطِكَ المُسْتَقِيمِ ، و عَلَى آلِهِ حَقَّ قَدْرِهِ و مِقْدَارِهِ العَظِيمِ

نفحات من كتاب سوق الأسرار-2-

Publié par Unknown | التصنيفات | في السبت، 28 نونبر 2009

بسم الله و الصلاة و السلام على رسول الله الفاتح الخاتم و على آله و صحبه و سلم.

يقول رضي الله عنه في هذا الكتاب؛

**.......... فالهارب العاصي عن حضرة مولاه ينكف إن سمع عقاب الله و يخافه إن سبقت له السعادة بحسب الفطرة والتائب يزيد في الأعمال الصالحات لما سمعه من الجنة و المخلص العامل عملا ينسبه لنفسه و يلاحظ في حال عمله الثواب المرتب فيزيده الخطاب بمثل ذكر المغفرة والقرب مجاهدة .و العارف المقرب الكبير يزيده الخطاب بمثل الجنة والحفظ من النار و المغفرة انقباضا وخوفا من أن يكون ممكورا به وهو في الحضرة و يعد نفسه مقطوعا بحيث لا يعول على حاله ولا معرفته بربه و لا بوصاله لأنه لما سمع ذكر الثواب خاف أن يكون من العاصين أو التائبين أو المخلصين فيخاف من مقام الإخلاص كما يخاف العاصي من النار و لا يزال يخاف من مقام ربه فله جنة معرفة ربه ممزوجة بالأدب الذي اقتضاه وهو الركون إلى مولاه والرضى بما رضيه من جنة أو نار و جنته لذة شهود مولاه وناره نار القطيعة التي هي أحر نار ، فيبقى بأدبه موصولا في الدنيا و الآخرة و لا يفرق بين الدوائر الثلاث، فحضرة الدنيا والبرزخ و الآخرة على حد سواء عنده لأنه متمتع بلذيذ خطاب سيده و جماله ويحمله الجمال عن ترك الميل لغير ربه خائفا وجلا آنسا فانيا صاحيا ميتا حيا جامدا متصرفا منقطعا عن الخلائق متصفا بهم ساكتا متكلما مشيرا عاجزا عن الإشارة ضاحكا باكيا عاقلا والها مميزا ساكرا فتجتمع عليه الأوصاف كلها في نفس واحد متصفا بصفات ربه متجردا عن صفات نفسه أديبا عالما جاهلا ، فتشرق عليه أوصاف العبودية كلها في كوة السيادة في كل نفس من أنفاسه فلا يحصل على معرفته بين الناس إلا من أحبه الله لأنه متلون بتلون الخلائق كلها بجلوسه على كرسي
العبودية ؛ فتحصل أنه توجه خطاب الشارع إلى جميع الأجناس من العبيد يداويه الخطاب العزيز بما يصلحه ويزيده *لمثل هذا فليعمل العاملون *. فالمخلص عند السيد هو الذي يعرف خطاب سيده بالإشارة ويفهم من عمل لفظه ومن كل إشارة ما يبرئ أسقام الأجناس كلها وهذا العالم حقيقة الذي يستحق التقدم والعلم وغيره إنما يزيد سقما على سقم، لكنه لا يريد التنزل من حضرة الحق إلى حضرة الخلق اللهم إلا إذا اقتضت حكمة سيده التنزل فلا يكاد يحب إلا التنزل لأنه مراد سيده سواء فيه صلاحه أو هلاكه فإنه لا مراد له مع مراد سيده فيظهر المخالطة والمجانسة لهم ولا مناسبة إلا ما اقتضاه الأمر الإلاهي فافهم وكن من الشاكرين ، فإن كثيرا من الناس اختلطت عليه الطرق فيجمد على الظواهر و الحظوظ محتجا بأن الله أمرنا بطلب الجنة بالأعمال الصالحات ذاهلا عن الطب الإلاهي لقلة الأطباء في زماننا على الوجه الأكمل أي ظهورهم مع كثرتهم فهو مغرور ، فاسمع قوله جل وعلا * ياأيتها النفس المطمئنة ارجعي إلى ربك راضية مرضية فادخلي في عبادي و ادخلي
جنتي * فالمطمئنة هي نفس المخلصين و الإخلاص نهاية الأولياء أهل المجاهدة الملاحظين ثواب أعمالهم وقد أمرها الله بالرجوع بالإنسلاخ من التعرض للثواب فإن رجعت بحيث رضيت بما رضيه مولاه سميت راضية مع نسبتها العمل لنفسها فيجب عليها التوبة من نسبة العمل لغير الله فإذا تجردت من نسبة العمل لها متبرأة من نفسها عالمة بأن الله هو الفاعل المحرك المسكن لها * هو الذي أنطق كل شيئ * *ومارميت إذ رميت ولكن الله رمى * خطاب لأعز وأكبر العبيد ، ودخلت عائمة في بحر الوحدة وحدة الذات ووحدة الفعل وتبين لها أن الخلائق كلها فعل للحق بمنزلة كتاب مكتوب بمداد واحد واعتقدت أن تجزئة الكتاب إلى حروف وأحزاب وجمل لا يخرجه عن المدادية ولا عن كتابية الحق جل وعلا ونسب لمولاه كل ما رآه ولا يرى أحدا قادرا على حركة وسكون بل يكون كل شيئ عنده هباء في شمس دخلت بكوة لا وجود له وجودا يحصل عليه بل هو مبصر غير ثابت ولا نافع ولا ضار ويعتقد وجود الهباء وجودا خياليا و أنه لم يكن إلا الحق جل وعلا وأن كل ما ظهر إنما ظهر من النور الإلاهي فهذه النفس تكون مرضية عند مولاها ، فإذا رضيها يسحقها ويدقها دقا ناعما حتى يفنيها عن أوصافها و يميتها ويربيها بالسقي الإلاهي بدخولها في حضرة صفاته وأسمائه . فإذا تنورت وتصفت وامتلأت بما أفيض عليها من حضرة أسمائه وصفاته تجلت وتقوت لحمل أثقال السر الإلاهي فإذا أمرت و أودعت وختمت وانغلقت وانبرزت انتقلت للمعرفة الإلاهية فتكون جامعة مانعة محاطة بسيادة سيدها مرادة معظمة سائرة لما لا نهاية له من بحور أنوار الكنه الرباني فافهم واجزم وهو قوله تعالى * وادخلي
جنتي * أي جنة معرفته *وادخلي في عبادي * وهذا هو العابد لله لا غير فإن غير هذا عابد لهواه مستحق غضب ربه لولا رحمة الله عليه فعمله بالقصد معه عين القطع لكن سبق ما سبق في علمه الذي لا يبدل أن كل من عمل عملا و أتقنه دار له الفلك بسهمه . وعليه فمن عصى الله معصية متقنة بشروطها بهمة نافذة جاهدة في المعصية على وجه الجحود و الإستكبار عن الربوبية يدر له الفلك بسهمه وهو غلة عمله التي هي سخط ربه قطعا و لا يغفر ذنبه أبدا لأنه جل وعلا حكم بأن من عمل عملا متقنا يدر له الفلك بسهمه و قد أتقن العمل بالجحود والإستكبار و التصحيح على عدم العود نعوذ بالله جل وعلا * إن الله لا يغفر أن يشرك به * وإن عصى الله اتباعا لنفسه من غير قصد الإجتراء على الربوبية ولا جحود نعمته ولا استكبارا عن سيادته فهذه معصية غير متقنة فإن الفلك لله الحمد يدور بسهم غيره و لذلك يغفر بالحسنات * إن الحسنات يذهبن السيئات * و بالندم والتوبة والإستغفار وغيره من أنواع المكفرات المروية عن الشارع ، فإن غاية هذه المعصية أنها تأكل من الحسنات إن لم يتب منها صغيرة أو كبيرة ، فإن تاب منها تزد على الحسنات بحسب الفضل الإلاهي . فكلما ورد أنه يكفر فإنه يكفر سائر جميع أنواع المخالفات لله الحمد لأن الفلك لم يدر له بسهمه ، غايته أنه مسيئ جدا حيث أنه اقتحم ما نهي عنه فيستحق سخط مولاه لولا فضله السابق وهو أنه لم يدر له الفلك بسهمه لعدم إتقان العمل وهو منغمس في فضل ربه و لذلك يحمله سر ايمانه على عدم الإصرار إلى الممات أي عدم نية الإصرار إليه بل كل يوم يحدث نفسه بالتوبة وكلما سمع كلام الله سرى فيه نوره و أما إن نوى الإصرار عليه إلى الممات فهو عين التجرء على حضرة الربوبية ولذلك تنسد مرآته ولا يرجى فلاحه لأن الفلك دار بسهمه بالإتقان فافهم . ومنه تعلم أن أهل المعاصي من المومنين المصدقين برسالة نبينا صلى الله عليه وسله لم يكن فيهم لله الحمد من يستحسن المعصية مستكبرا بها على الربوبية و إن كان مجاهرا بها عند اقترانه فإنه خائف من مقام ربه بدليل أنه يستقذر نفسه ويستحيي من العلما و المساجد . فهذا كله لا يدور له الفلك بسهم الغضب و إن كان مسيئا جدا حيث خالف أوامر سيده لكنه غطاه الفضل الإلاهي . ولهذا لايغضب الحق جل وعلا على واحد من أمة سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم فلو غضب عليه لتبدل حكمه وهو لا يتبدل وتبدله بدوران الفلك بسهمه وهو غير متقن للمعصية . ولذلك من سبق أنه يدخل النار من أمته صلى الله عليه وسلم يدخلها مرضيا من سيده ولو فعل ما فعل من كل معصية غير متقنة فلو أتقنها لكان كافرا بل يدخلها محبوبا مرضيا تطهيرا له مما أسرف حيث ربت مساويه عن حسناته بحسب ما يعلمه الله لا على وجه المقاصة فتهيج عليه النار شفقة فتحرقه مرة واحدة ودفعة واحدة فتخرجه عن حسه فيبقى فحمة مطهرا بها حتى يشفع له نبيه صلى الله عليه وسلم ولا تخرج فحمة من النار حتى يأذن لها نبيها إظهارا لأهل الجنة قدر نبيها لا غير و أنه لولاه صلى الله عليه وسلم لاستمر فيها من دخلها ولدخلها من لم يدخلها فإذا تبين لأهل الجنة و أهل النار ذلك السر الإلاهي خرج جميع من لم يدر له الفلك بسهم الغضب فيظهر فضل الله للفريقين فيغرق الحق جل جلاله فريق الجنة في محبته وفريق الكفر في غضبه دائما أبدا ؛ فعليك بمولاك فالمنة له عليك و الزم أعتاب العبودية الصرفة المجردة من غير وغيرية تحظ في هذه الدار بما يفاض عليك في البرزخ والآخرة وتتنعم في كل نعمة الدنيا من أكل وشرب ونكاح بمثل ذلك في الجنة ولو كشف الحجاب مــاازددت يقينا..........................يتبع


التعليقات :

هنالك 0 commentaires على نفحات من كتاب سوق الأسرار-2-

إرسال تعليق